الخطاب الشعبوي- سلاح ذو حدين في التأثير على الرأي العام
المؤلف: سعيد السريحي08.11.2025

في مقال الأمس، أشرت إلى أن سطحية الخطاب المتطرف هي جوهر قوته وتأثيره، مما يمكنه من الوصول إلى نطاق أوسع من الجماهير. هذه السمة المميزة للخطاب "الشعبوي" تتناقض مع خطابات "النخبة"، التي يعيق عمقها انتشارها وتأثيرها الواسع.
وترتبط بتلك النقطة قضية أخرى، وهي أن هذه "السطحية" التي يتميز بها الخطاب "الشعبوي" تفسح المجال أمام العديد من الأفراد لاستغلاله، مما يسهل عليهم الوصول إلى مراكز قيادية في التأثير على الرأي العام. وهذا يضفي على هذا الخطاب قوة إضافية، حيث يصبح قادراً على الوصول إلى شريحة أكبر من الناس من خلال قاعدة أوسع من المستخدمين. لذلك، لا يمثل الخطاب الشعبوي مجرد تهميش لخطاب النخبة، بل يمثل أيضًا تهميشًا للنخبة نفسها. إذا استرجعنا الأحداث التي وقعت خلال ما يسمى بفترة الصحوة، لرأينا هذا الأمر بوضوح. وإذا تفحصنا ما تبقى من آثار تلك الصحوة، لرأينا كيف يتسم العديد من رموزها بضحالة في التفكير، ومع ذلك لم يمنعهم ذلك من أن يصبحوا أسماءً لامعة ومؤثرة في مجتمع اعتاد على تقبل أقوالهم دون تمحيص أو إعمال للعقل والمنطق.
إحدى الخصائص البارزة للخطاب الشعبوي هي أنه يقدم للناس في ظاهره ما يودون سماعه، مستدرجًا إياهم نحو المفاهيم والرؤى والبرامج والخطط الكامنة التي لا تتضح إلا بعد أن يكون قد أحكم سيطرته على الجماهير، وأصبح تفكيكه أو نقضه أمرًا صعبًا للغاية.
ولا يقتصر الأمر على تجربتنا مع الصحوة كنموذج لاستغلال الخطاب "الشعبوي"، بل إن الاتجاهات السياسية العالمية قد بدأت تتجه هذا المنحى، حيث أصبح استخدام الخطاب الشعبوي وسيلة لكسب أصوات الناخبين في صراع الأحزاب على السلطة في بلادهم. ولعل أبرز مثال على ذلك هو الحملات الدعائية التي أوصلت ترمب إلى الرئاسة الأمريكية، وهي حملات تميزت بالسطحية، ولكنها تمكنت من التفوق على خطاب النخبة الأكثر عمقًا الذي تبنته كلينتون في حملتها الانتخابية. هذه الحملات، على الرغم من بساطتها الظاهرة، استطاعت أن تجذب أعدادًا كبيرة من المؤيدين، مما يؤكد على قوة الخطاب المبسط في التأثير على الجماهير. هذا النجاح يثير تساؤلات مهمة حول دور النخبة المثقفة في مواجهة هذه الموجة من الشعبوية، وكيف يمكنهم تقديم رؤى أكثر تعقيدًا بطريقة يسهل على الجمهور فهمها وتقبلها.
وترتبط بتلك النقطة قضية أخرى، وهي أن هذه "السطحية" التي يتميز بها الخطاب "الشعبوي" تفسح المجال أمام العديد من الأفراد لاستغلاله، مما يسهل عليهم الوصول إلى مراكز قيادية في التأثير على الرأي العام. وهذا يضفي على هذا الخطاب قوة إضافية، حيث يصبح قادراً على الوصول إلى شريحة أكبر من الناس من خلال قاعدة أوسع من المستخدمين. لذلك، لا يمثل الخطاب الشعبوي مجرد تهميش لخطاب النخبة، بل يمثل أيضًا تهميشًا للنخبة نفسها. إذا استرجعنا الأحداث التي وقعت خلال ما يسمى بفترة الصحوة، لرأينا هذا الأمر بوضوح. وإذا تفحصنا ما تبقى من آثار تلك الصحوة، لرأينا كيف يتسم العديد من رموزها بضحالة في التفكير، ومع ذلك لم يمنعهم ذلك من أن يصبحوا أسماءً لامعة ومؤثرة في مجتمع اعتاد على تقبل أقوالهم دون تمحيص أو إعمال للعقل والمنطق.
إحدى الخصائص البارزة للخطاب الشعبوي هي أنه يقدم للناس في ظاهره ما يودون سماعه، مستدرجًا إياهم نحو المفاهيم والرؤى والبرامج والخطط الكامنة التي لا تتضح إلا بعد أن يكون قد أحكم سيطرته على الجماهير، وأصبح تفكيكه أو نقضه أمرًا صعبًا للغاية.
ولا يقتصر الأمر على تجربتنا مع الصحوة كنموذج لاستغلال الخطاب "الشعبوي"، بل إن الاتجاهات السياسية العالمية قد بدأت تتجه هذا المنحى، حيث أصبح استخدام الخطاب الشعبوي وسيلة لكسب أصوات الناخبين في صراع الأحزاب على السلطة في بلادهم. ولعل أبرز مثال على ذلك هو الحملات الدعائية التي أوصلت ترمب إلى الرئاسة الأمريكية، وهي حملات تميزت بالسطحية، ولكنها تمكنت من التفوق على خطاب النخبة الأكثر عمقًا الذي تبنته كلينتون في حملتها الانتخابية. هذه الحملات، على الرغم من بساطتها الظاهرة، استطاعت أن تجذب أعدادًا كبيرة من المؤيدين، مما يؤكد على قوة الخطاب المبسط في التأثير على الجماهير. هذا النجاح يثير تساؤلات مهمة حول دور النخبة المثقفة في مواجهة هذه الموجة من الشعبوية، وكيف يمكنهم تقديم رؤى أكثر تعقيدًا بطريقة يسهل على الجمهور فهمها وتقبلها.